في إحصائية طريفة أجرتها شركة بيل للهاتف اتضح أن ضمير المتكلم (أنا) هو أكثر الكلمات التي يستخدمها الناس ويرددونها في أحاديثهم .. وهي حقيقة يمكن فهمها وتقبلها بسهولة كون (الأنا العليا) هي الذات المسيطرة على تصرفات البشر وتعبير مباشر عن وجودهم ومحور اهتماماتهم !
وحين فكرت شخصيا بأكثر الكلمات انتشارا ومشاركة بين شعوب العالم خرجت بكلمة لها أيضا علاقة قوية بالهاتف هي كلمة (ألوو) ... والتي قد لا ينافسها سوى كلمة (Ok) عند الالتقاء المباشر ..
فكلمة (ألوو) يتفوه بها أكثر من مليار انسان عند رنين الهاتف وربما لعدة مرات في اليوم - .. وهي حاليا بمثابة تعبير عالمي مشترك دخلت قواميس اللغات المختلفة وأصبحت تستعمل حتى بعيدا عن سماعة الهاتف بمعنى اتصال (وياليت تعطيني ألوو قبل وصولك) !!
ورغم ترجيح اشتقاقها من كلمة هللو (Hello) إلا أن هذه الكلمة لم تكن تعني شيئا قبل اختراع الهاتف ولا تعني مرحبا باللغة الانجليزية كما يعتقد كثير من الناس ..
ومعرفتي الشخصية بقصة جراهام بيل (مخترع الهاتف) تشير ببساطة الى أن "هللو" كانت مجرد تنبيه صوتي كرره جراهام حين أراد تجربة جهازه الجديد . فقد طلب من مساعده واطسون أن ينتقل مع (سماعة الهاتف) إلى الغرفة المجاورة للتأكد من وصول صوته فلم يجد غير كلمة نداء ليس لها معنى : هللو..هللو..هللو .. "سيد واطسون تعال إلى هنا من فضلك" . ولم تمر لحظات إلا وواطسون يفتح باب الغرفة بقوة وهو يصيح مغتبطا "لقد سمعت صوتك، لقد سمعت صوتك" وكان أول صوت في التاريخ تحمله الأسلاك وأول ولادة لكمة هللو كأكثر أدوات المناداة استعمالا في العالم أجمع ..
وحتى يومنا هذا ماتزال الشعوب الناطقة بالانجليزية تستعمل كلمة "هللو" في مكالماتها (ولأغراض التنبيه ولفت الانتباه عموما) في حين حوّرتها بقية الشعوب (وفي مقدمتهم الفرنسيون) إلى "ألوو" لسلاستها وسهولة النطق بها..
ورغم أن معظم الشعوب مازالت تستعمل كلمة (ألوو) لبدء المكالمات الهاتفية إلا أن ظاهرة التخلي عنها تتزايد لصالح أدوات تنبيه أخرى تنبع من ثقافة ولغة كل شعب على حدة .. ففي مجتمعنا المحلي مثلا رغم أن معظمنا مايزالون يستعملون (ألوو) إلا أن أعدادا متزايدة من الناس يستهلون محادثاتهم الهاتفية أيضا ب(السلام عليكم) و(مرحبا) و(هلا) و(ايووه) و(سم) ...
أما في ألمانيا والنمسا فيرد كثير من الناس على الهاتف بذكر أسمائهم مباشرة مثل (شميت يتحدث).. وفي ايطاليا يرد معظمهم بالكلمة الشهيرة (برونتو) والتي تعني (حاضر).. أما في الصين فلم تعد كلمة (ألوو) تستخدم بمستوى كلمة واي (مرحبا) التي تتبع غالبا ب(يني تشاوتشي) وتعني (من يتحدث؟).. أما الأسبان فيستخدمون (ألوو) جنبا إلى جنب مع (ديجامي) أو (تفضل بالحديث).....
أما العجيب فعلا فهو ما يحدث في سلوفاكيا حيث بدأ الناس بالتخلي عن (ألوو) لصالح أسلوب غريب في الرد ؛ فحين تتصل بأي شخص هناك ستفاجأ بصاحب المنزل يسرد عليك آخر ثلاثة أرقام من هاتفه فإن كان اتصالك صحيحا تعرّفه باسمك وتبدأ حديثك ، وان كنت مخطئا أغلقت السماعة بوجهه دون الدخول في إشكاليات التعريف واحتمالات الغلط !